المشروعات الناجحة خطوة بخطوة

يقول اثناء موقف معين مررت به وجدت فكرة تطبيق ممتازة ناقشتها مع احد اصدقائي العائد من الخارج واتفقنا على تنفيذها ونحتاج شركة برمجيات لتنفيذ التطبيق

الفكرة مضمونة النجاح تستهدف كل مستخدمى الانترنت والذى علمت بالبحث ان عددهم فى مصر يتخطي ال 63 مليون شخص

اريد فقط ان يستخدم التطبيق مليون شخص منهم باشتراك شهري 100 جنية وبذلك احصل على ايرادات 100 مليون جنية بسهولة

طلبت من 3 شركات تقديم عروض مالية واخترت من بينهم ونفذت التطبيق فعلا

والان تواجهني بعض المشاكل

• 1.      لا استطيع الحصول على العدد الكافى من العملاء مهما انفقت فى التسويق

• 2.      تكلفة التشغيل مرتفعة جدا

• 3.      العملاء الذين احصل عليهم لا يستمرون فى استخدام التطبيق ودفع اشتراكاتهم

• 4.      اطلب من شركة البرمجيات اجراء بعض التعديلات على التطبيق ومع كل تعديل يطلبوا مبلغ مرتفع لا يتوافق مع ايرادات التطبيق

• 5.      لا استطيع الحصول على مستثمرين

وغيرها من المشاكل المتعددة التى دفعتنى لاتخذ قرار بعدم الاستمرار 

هذا الموقف يتكرر مع 90% من الشركات الناشئة وفقا لرابطة الاعمال الصغيرة الامريكية

كما اعلنت الرابطة ان ما يقرب من 50% من الشركات التى تجتاز عامها الاول يفشل خلال الخمس اعوام الاولى فى عمرها

فلماذا يتكرر هذا السيناريو باستمرار مع 95% من المشروعات التى تعتمد على التكنولوجيا رغم جودة الفكرة فى كثير من الحالات ؟

وكيف تتجنب هذا السيناريو عند انشاء مشروعك ؟

الاجابة على هذه الاسئلة هي ما سنقوم بتناوله فى هذا المقال

يعتقد الكثيرون من اصحاب الشركات الناشئة ان وجود فكرة جيدة ومناسبة لهم هو اساس المشروعات الجديدة القائمة على التكنولوجيا مثل المواقع الالكترونية والتطبيقات

وانه بمجرد تنفيذ التطبيق او الموقع الالكتروني فان الحصول على مستخدمين مستعدين للدفع امر حتمي وذلك افتراض خاطئ تمام تم تاكيد خطائه مرار وتكرار بالتجربة وبالاحصائيات على مدار سنوات مضت

وابرز الاخطاء التى يقع فيها مؤسسي الشركات الناشئة كما فى المثال السابق هي :

1.      بناء خطة العمل على افتراض جدلي ان الفكرة التى تراها جيده سيراها كذلك العملاء

2.      تخصيص نسبة كبيرة جدا من راس المال لتنفيذ التطبيق بالكامل فى اسرع وقت ممكن

3.      عدم وضع خطة تطوير للتطبيق بناء على دراسة العملاء

4.      عدم وضع خطة تسويق مناسبة وتوفير الميزانية اللازمة لها

5.      الاعتماد فى بناء التطبيق على إسكربتات جاهزة

6.      عدم توفير الدعم الفنى المناسب لفريق التشغيل وللعملاء

7.      الاعتماد على ان العملية كلها ستقوم بالكامل على التطبيق دون وجود فريق تشغيل مدرب

95% من اصحاب الافكار يتخذون هذا المسار الذى يطلق عليه الخبراء فى تاسيس الشركات الناشئة المسار الكارثي الذى يؤدي فى النهاية الى خسارة المؤسس لراس ماله دون ان يخطوا خطوة واحده فى الاتجاه الصحيح

ما هو الاتجاه الصحيح اذاً ؟

خرجت خلال الاعوام الاخيرة العديد من الكتابات والاستراتيجيات التى كان لها دور كبير فى توضيح المسار الصحيح من أجل الشركات الناشئة 

مثل كتاب Owner’s manual  ومثل Lean startup methodology

ولنتوصل معاً لتوضيح مبسط للمسار الصحيح تعالي نتعرف سويا فى البداية عن ماهية الشركات الناشئة

” هي رحلة البحث عن نموذج عمل يمكن تكراره بشكل مربح “

وجود الفكرة نفسها جيد لكنه غير كافي , وفى البداية يجب ان تبحث عن افضل طريق تقوم من خلاله بتنفيذ الفكرة بشرط ان يعود عليك هذا بالربح وبشرط اخر ان يكون هذا الطريق هو الطريق الذى يراه عملائك الافضل ليس انت او دائرة معارفك من يحدد ذلك

واكبر عقبه ستجدها هنا هي عدم توفر المعلومات لدراسة السوق وسلوك العملاء وخصوصا اذا كانت فكرتك جديدة او حتى لو لم تكن جديدة لكنها مبنية على تحسين معين فى خدمة موجوده بالفعل

لذلك فالخطوة الاولي هي :

وضع الافتراضات وبناء نموذج العمل

نموذج العمل هو تصور ملخص عن هيكل التكاليف والايرادات يوضح تفصيلياً مصادر الايرادات وكذلك بنود التكلفة من تشغيل وتوفير موارد وتسويق وخلافه

الخطوة الثانية هي :

التوظيف

عملية انشاء شركة من الشركات الناشئة هي عملية مستمرة لفترة من 6 شهور الى 30 شهر فى المتوسط

ستحتاج فيها باستمرار الى وجود خبراء فى كل مجالات انشاء التطبيق ولا يصح ابدا ان تقوم ببناء شركة تعتمد على تكنولوجيا البرمجيات ولا يكون لديك فريق البرمجيات الذى يهتم بكل الامور التقنية

من اكبر الاخطاء التى قد ترتكبها هو التعاقد مع شركة برمجيات لتنفيذ التطبيق لك بالكامل وخصوصا اذا كانت ستعتمد على سكريبتات جاهزة وذلك لعدة اسباب

1.  الاعتماد على سكربتات جاهزة يعتمد على اختيار اقرب تصور لتطبيق موجود بالفعل مماثل بشكل ما لفكرتك وعليه طلب كبير لذلك قامت بعض الشركات الكبيرة بانشاء هذا السكربت ليقوم بشرائه المبرمجين بتكلفة اقل بكثير بدلا من تصميمه من البداية  بتكلفة مرتفعة .. وماهي النتيجة الحتمية لذلك ؟ بالطبع ستحتاج الى تغير بعض التفاصيل لتتماثل مع السكربت الجاهز وستكون امكانية تعديلك على التطبيق محدودة جدا

مثال على ذلك : اريد تطبيق مثل اوبر وكريم فتجد له اسعار تبدأ من 200 دولار

بالطبع لم نسمع على اى شركة استخدمة هذا السكربت ونجحت

2.  التعاقد مع شركة على تنفيذ التطبيق بالكامل فى اسرع وقت ممكن بتكلفة محددة

هذا الاسلوب المتعارف عليه غالبا فى مصر ويتم التعاقد على تفاصيل محددة تقوم بتنفيذها شركة البرمجيات مقابل مبلغ معين وفترة دعم فنى على الاخطاء البرمجية لفتة محددة فى المتوسط تكون عام

وما النتيجة التى تصل اليها كمؤسس أحدى الشركات الناشئة فى هذه الحالة ؟

تقوم بتنفيذ التطبيق بالكامل فى الوقت المحدد وتبدأ مرحلة اكتشاف العميل وتحتاج الى التطوير بناء على ال feedback الذى حصلت عليه من العملاء وبالتالى تطلب التعديل من شركة البرمجيات التى بدورها ستطلب منك تعاقد جديد بتكلفة جديدة قد تزيد عن التكلفة الاساسية فى بعض الاحيان

تخيل انك طلب من مهندس معماري بناء منزل , وقد اعطيته رسوما هندسية محددة يلتزم بها

وبعد ان قام بوضع الاساس ونفذ التشطيبات الاساسية والنهائية وقام باعمال الديكور تريد منه ان ينقل مكان عمود من مكانه ليعيد توزيع الغرف بشكل افضل !!

كم سيكلفك هذا ؟

هذا تحديدا ما تفعله عندما تقوم ببناء تطبيق بالكامل ثم تطلب من المبرمج تغير شئ يظهر انه بسيط ” مجرد عمود ” لكنه فى الاساس من صميم المنطق البرمجي الذى تم بناء التطبيق عليه او على الاقل هو اساس له علاقات متشعبه مع كل الوظائف الاخري فى التطبيق

اذا فما هي الطريقة الانسب :

1.      ان تقوم بتعين مهندس برمجيات متخصص يكون هو المسئول عن تعيين باقى الفريق الذى ستحتاجه وادارتهم مقابل اجور شهرية وبذلك تضمن بناء المشروع بشكل سليم وعلى مراحل باسلوب ال Agile وتوفير الفريق اللازم للتطوير والدعم الفنى المستمر

2.      او تقوم بالتعاقد مع شركة برمجيات توفر التعاقد بنظام ال Startups الذى يضمن توفير مثل هذا الفريق لعدد شهور معينه بتكلفة اقل بكثير من تعين فريق خاص بمشروعك لمزيد من التفاصيل زور هذا الرابط عقود الشركات الناشئه

الخطوة الثاثة هي :

وضع مواصفات ال MVP ” Minimum valuable product ” وهي النسخة المبدئية للتطبيق الذى تقدم الوظيفة الاساسية له بدون الوظائف الفرعية بشرط ان تحتوي هذه الوظيفة الاساسية على القيمة التى تعتبر عامل الجذب للعملاء

واليك بعض النصائح لو بتفكر تكون من أصحاب الشركات الناشئة  :

1.      لا تبدأ النسخة التجريبية بتطبيق تليفون الا اذا كان استخدام الخدمة لا يمكن ان يتم الا من خلال التليفون

2.      ابدأ بموقع الكتروني يقدم الخدمة فهو اقل فى تكلفة الانشاء وتكلفة التطوير كذلك ويعمل على جميع الاجهزة

3.      قم بانشاء نسخة Web view  لاختبار اهتمام العملاء بتحميل التطبيق

4.      من الضروري جدا دمج الادوات التحليلية فى الموقع الالكتروني لتوفير المعلومات التى تحتاجها للتطوير

الخطوة الرابعة هي :

التشغيل التجريبي : الهدف الاساسي من هذه المرحلة هو Business model validation  او التاكد من صحة نموذج العمل والتشغيل التجريبي يحدد لك مدي تقبل المستخدمين للخدمة ويقدم بعض المعلومات القيمة مثل :

1.      كيف حصلت على المستخدمين وماهي تكلفة الاكتساب ” CPA “

2.      ما هي نسبة المستخدمين الذين قاموا باعادة استخدام التطبيق ” Retention rate  “

اذا كانت هذه الارقام جيدة ففرصة فى الحصول على استثمارات جيدة الى حد كبير

واذا لم تكن جيدة فمن خلال الادوات التحليلية واستطلاعات الرأي مع المستخدمين وتقييمهم للمشروع تستطيع ان تضع خطة تطوير دون ان تتعرض لزيادة فى التكاليف غير مخطط لها

وتستطيع ان تطور ال MVP فى شكله الاولي بسهولة مقارنة بحالة انك قمت بانشاء الموقع وتطبيق اندرويد وتطبيق IOS بشكل كامل من البداية

وبعد التطويرات التى سيتم اجرائها بناء على تحليل العملاء ستقوم باجراء التشغيل التجريبي مرة اخري حتى تحقق ال validation  وتتاكد من نجاح نموذج العمل ومن ثم تنتقل للخطوة التالية

الخطوة الخامسة هي :

انشاء ال Beta version  وفيها تضع الاضافات الضرورية وتقرر ما اذا كنت ستقوم بتنفيذ تطبيق تليفون ام تكتفي بالموقع الالكتروني

مما لا شك فيه ان هذا الاسلوب يجعل فرص النجاح اكبر بكثير وحتى فرص الانسحاب فى حالة التأكد ان الفكرة ليس لها جمهور ستكون باقل خسائر ممكنه للشركات الناشئة 

وبرغم من انه يستخدم فى تاسيس الشركات من البداية الا ان العمل به فى تطوير المنتجات ايضا يعطي نجاحها فرصة كبيرة ويقلل التكاليف التى من الممكن ان يتم انفاقها فى تطويرات لا عائد منها

أرجوا ان اكون قدمت ما يفيد اصحاب الشركات الناشئة فى استيضاح الرؤية والاستعداد المسبق للمشروع بشكل جيد .

من اهم المشروعات التى قمنا بتنفيذها بنفس الاسلوب هو Carrots وهو عبارة عن منصة تستطيع من خلالها تحويل اي احتياج لوظيفة مؤقته تستمر لساعات او ايام او اسابيع او شهور

وتتوج مجهودنا بالنجاح والتقدير حيث تم تصنيفه فى المركز 51 من بين 6550 مشروع فى مسابقة ابو هشيمة Startup power الموسم الثاني لعام 2023